السودانتقاريرسياسيةشمال إفريقيا

هل تسلم الأمم المتحدة الملف الإنساني للنظام السوداني

 

 

تحذيرات أممية من توقف الخدمات الإنسانية التي تتم عبر الجو إلى مناطق التوتر في السودان في ظل لا مبالاة من المانحين، الأمر الذي يثير التساؤل حول ما إذا كان الرئيس عمر البشير نجح في ترويض المجتمع الدولي في هذا الملف.

تقول أوساط سياسية سودانية لـ”العرب” إن جهود نظام الرئيس عمر حسن البشير على ما يبدو أتت ثمارها في الدفع باتجاه مسك الملف الإنساني برمّته في بؤر التوتر داخل السودان.

وصعّدت الخرطوم في السنوات الأخيرة من ضغوطها على المنظمات الإنسانية الأجنبية العاملة على أراضيها، معتبرة أنه من المفروض أن تتم المساعدات عبرها، فهي دولة ذات سيادة ووجب احترام ذلك.

ويرى مراقبون أن المجتمع الدولي بالفعل أبدى ليونة في التعاطي مع السودان في هذا الملف خاصة وأن هناك رغبة تتجسد في مدّ خيوط التواصل مع الخرطوم وفتح صفحة جديدة معها، وهذا ما يقتضي التقدم بمبادرات تعكس حسن النية.

في المقابل يبدي حقوقيون ومنتقدون للنظام السوداني قلقا إزاء هذا الأمر خاصة وأن الأوضاع في مناطق الصراع مثل دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان لم تتحسن بالشكل الذي يسوّق له. وهناك الملايين من النازحين المنتشرين في مخيمات يحتاجون إلى مساعدات.

وأفاد مسؤولون أمميون هذا الأسبوع أن العمليات الإنسانية الجوية للأمم المتحدة في السودان مهددة بالتوقف بسبب نقص التمويل نتيجة عدم اهتمام المانحين، ما قد يؤثر في إيصال المساعدات إلى مناطق النزاعات.

ومع الأموال المتوافرة حاليا، ستكون الخدمة الجوية الإنسانية للأمم المتحدة قادرة على العمل فقط حتى نهاية نوفمبر المقبل، وقد تضطر إلى وقف عملياتها بداية ديسمبر، وفق ما أوضحت بيانكا زيرا المتحدثة باسم برنامج الأغذية العالمي في السودان. وسبق للخدمة الجوية الإنسانية التي تضم طائرتين وثلاث مروحيات أن قلّصت نطاق عملها بحيث توقفت عن التوجه إلى خمسة مواقع من أصل 41 تغطيها في أنحاء البلاد.

ويرى مراقبون أن تحذيرات المسؤولين تنسجم مع ما تم تسريبه من معلومات بأن الأمم المتحدة تنوي تقنين مسألة المساعدات في إطار عمل المنظمات الدولية، بحيث يكون عمل تلك المنظمات تحت إشراف النظام السوداني، بما يطرح العديد من التساؤلات حول توجّه المجتمع الدولي في التعامل مع نظام البشير في المرحلة القادمة، خصوصا بعد التنازلات التي قدّمها كبادرة لحسن النوايا انطلاقا من ملف مكافحة الإرهاب.

وشكك المحلل السياسي السوداني حيدر إبراهيم في نوايا الخرطوم في إجراء تغييرات في سياستها الدولية، معتبرا أن النظام السوداني يجيد اللعب بملف الإرهاب، ويعطي انطباعات للمجتمع الدولي بأنه قادر على توظيف علاقاته مع الحركات الدينية في العالم على اعتبار أنه نظام إسلامي في القيام بدور الوسيط.

ويقول المحلل السوداني في تصريحات لـ”العرب” إن المجتمع الدولي لا تهمه مسألة الأوضاع الإنسانية في السودان أو حقوق الإنسان بقدر ما يهمه ملف الإرهاب. وكان النظام السوداني قد أبدى في السابق رفضا قاطعا لاستمرار الخدمات الإنسانية الجوية للأمم المتحدة، معتبرا أنه لا بد أن تمرّ المساعدات عن طريق البر.

وقالت زيرا “لدينا حاليا أموال حتى نهاية نوفمبر ونحتاج إلى مليون دولار إضافية (نحو 850 ألف يورو) لمواصلة العمليات حتى نهاية العام”. ونبّهت “إذا لم نتلق مليون دولار فإن العمليات ستتوقف”.

وبالنسبة إلى الطواقم الإنسانية، تشكّل الخدمة الجوية للأمم المتحدة عاملا حيويا لتسليم المساعدات وخصوصا الأدوية، في بؤر التوتر. وتستطيع المروحيات الأممية خصوصا الوصول إلى مناطق نائبة يصعب الوصول إليها من طريق البر.

وأوضحت زيرا “رغم أنّ مهمتها الأساسية تقضي بنقل العمال الإنسانيين، فإن الخدمة الأممية تتولى أيضا إيصال لقاحات ضد الأمراض الفتاكة يستغرق إيصالها برا وقتا طويلا”. وتقلّ الخدمة أيضا وفودا دولية ودبلوماسيين أجانب ومسؤولين سودانيين يرغبون في تقييم الوضع في مناطق النزاعات. وحذّرت من أنه في حال توقفت العمليات الجوية فإن ذلك “سيطال نصف النشاط الإنساني وستتم إعادة النظر في العديد من المشاريع”، مبدية خشيتها من “فوضى هائلة”.

وتأتي هذه التحذيرات قبل أيام من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قراره بشأن رفع العقوبات عن السودان، وجدير بالذكر أنه كان أجّل في يونيو الحسم في هذا الملف لدوافع متعلقة بعدم استجابة الخرطوم الكافية لحل المعضلة الإنسانية في مناطق النزاع.

المصدر: العرب،العدد 10769، 2017/10/02،ص2.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق