
ماهي الخطة السعودية التي قد تكون أُعدت للتنفيذ..كيف حوّل نصر الله انظار العالم من إستقالة الحريري إلى اختطافه ؟ كيف أجهضت فرنسا الحرب على حزب الله اللبناني ؟
قبل أن تبدأ، وتماما كما كان متوقعا، فشلت السعودية في حربها المتوقعة ضد لبنان بعد محاولتها إظهار أن سعد الحريري رئيس الحكومة اللبنانية، فرّ بجلدته إليها خوفا من خطة أعدها حزب الله لتصفيته، كما فعلت بوالده رفيق الحريري سابقا.
الخطة الفاشلة !..أو امتصاص “الصدمة”..
الخطة السعودية كما أوحى بذلك خبراء مقربون من نظام المملكة السعودية، كانت مُعدّة على أساس تحرك واسع سيقوده اللبنانيون بعد الصدمة المروعة التي سيخلفها خبر الاستقالة، وبالتالي سيتحركون زرافات ووحدانا احتجاجا على استقالة رئيس حكومتهم، والتي اعترف الاخير بأنها جاءت لتحدث “صدمة”، ثم تقوم تحركات كلامية وعسكرية من بعض الدول للتصعيد ضد حزب الله ونصرة الثائرين على نظام نصر الله! معلوم أن أسلوب الصدمة والترويع هو أسلوب حربي معهود، ويبدو أن حزب الله قد اكتسب منها تجربة، فهو غير حديث عهد بالحروب، ولا بالأزمات.
امتص حزب الله الصدمة بسرعة، وبادر في أول رد فعل التي جاءت على لسان رئيسه نفسه حسن نصر الله ، الذي سارع بشكل مباشر الى اتهام المملكة السعودية بــ”اختطاف” الحريري ، وحوّل بذلك وجهة الأزمة الديبلوماسية، رأسا على عقب.
الحريري..من استقالة إلى اختطاف !!
لا يمكن تجاهل نجاح حزب الله في قلب المعادلة التي أردات المملكة تمريرها، وهي الاستقالة تعني الحرب ! نجح نصر الله في تحويل أنظار العالم حول مسألة الحريري، فأصبحت قضية رجل مختطف في الرياض، حتى سيطرت الفكرة على الاذهان وشغلت الناس.
تفطن نصر الله في البداية الى أمر اعتقال الحريري، ثم أمر الرئيس اللبناني ميشال عون بتبنّيها رسميا وفعل ذلك، وسقطت الخطة السعودية في الماء..كيف ذلك؟!
الخطة الفرنسية..تحفظ ماء وجه المملكة
حلّت الخطة الفرنسية للتهدئة بدل الخطة السعودية للتصعيد.. وبعد الاهتمام البالغ الذي احدثته صدمة الاختطاف مقابل عدم تعاطف أو تصديق العالم لخبر استقالة الحريري، انكشفت الخطة السعودية المبرمجة للحرب على لبنان والتي راج خبر أن الكيان الصهيوني هو المكلف بالمهمة.
بعد ذلك كان لابد للحريري من الظهور حتى يثبت أنه حرا، رغم ما رافق ذلك من تشكيك حول املاءات وحركات واكراهات تعرض اليها خلال المقابلة التلفزيونية، وهي املاءات تعرض اليها حسب رويترز عندما قرأ بيان الاستقالة، التي لم تكن عموما الا لتغطية السعودية على فشل خطتها،فحاولت الرياض اظهار المقابلة كحجة على حرية الحريري وعدم احتجازه!
كلف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكروننفسه لزيارة السعودية، في الوقت الذي كان بإمكانه الاكتفاء بمجرد مكالمة، ما يثبتان القضية أكبر من احتجاز، انها مسألة حرب، وأي حرب ؟! لقد حركت المعلومات التي تحدث عنها نصرالله والتي كررتها ايران، بأن السعودية طلبت من الصهاينة القيام بحرب على لبنان، حرّك فرنسا مجددا من خلال ما صرح به رئيس وزرائها ادوارد فيليب الذي طالب سلطات السعودية بالسماح للحريري بالتحرك بحرية!! وكذلك وزارة الخارجية الفرنسيةالتي طالبت بعودة الحريري وممارسة مهامه في اطار الدستور، أ لا يحمل كل ذلك صراحة معنى أن الحريري مختطفا ؟!
ان لم يكن ذلك كذلك، ما كانت فرنسا طلبت منالسلطات الفرنسية منحها الحريري لاستضافتها لديها..سواء أكانت زيارة أو استضافة أو لجوء سياسيا، فالمهم ان يأتيها الحريري الذي يعد احد مواطنيها بما يمتلك جنسيتها. يمكن اعتبار الخطوة الفرنسية كمبادرة وساطة لحفظ وجه ماء السعودية بعد كشفه رئيس وزرائها وبالتالي، وأدت الحرب بمهدها، فلربما تكون قد توصلت الى نفس المعلومات، وهو أن الحريري مقيد ولا بد من تحريره، لا بل في وقت وجيز !! والا فإن ورقة تهديد قوية قد يخرجها حزب الله.
اتفاق الطائف…ورقة ضغط لبنانية !
منحى آخر لابد من الوقوف عنده، مفاده أن قائد حزب الله حسن نصر الله قد يكون اتفق مع الرئيس اللبناني ميشال عون حول برنامج مشترك يجري تنفيذه على الفور في صورة عدم عودة رئيس الحكومة اللبناني لممارسة مهامه، ومن بين أحد أهم المواضيع التي راجت هو أن نصر الله وعون سيقرأ الفاتحة على روح اتفاق الطائف الذي الموقع بالمملكة العربية السعودية..وفي حال وصلت مثل هذه المعلومة الى مسامع السعوديين فإن عليهم أن يدرسوا لها ألف حساب قبل التفكير في اطالة احتجاز الحريري، ناهيك عن التفكير في أي عمل تصعيدي .
وهنا لا يمكن من باب الانصاف، المزايدة على الدور السعودي في حقن الدم اللبناني عام1989 بين اللبنانيين، وهو ما قصده أو ألمحاليه وزير الخارجية السعودي عند قوله انه على السلطات اللبنانية تطبيق اتفاق الطائف ونزع سلاح حزب الله..ربما هذا الكلام هو اللغة السعودية الجديدة تجاه حزب الله بعد تجميد لغة الحرب حاليا،فلربما أحست الرياض أن التصعيد ( تشفيا أو للتغطية بالتزامن مع فتح جبهات عدة في الداخل والخارج، الذي بات يقصف بالباليستي في العمق! )، قد يفتح باب الجحيم، في انتظار قادم الأيام، يمكن القول في رأيي ان الخطة فشلت والحرب قد تبددت ارهاصاتها، رغم أن نذرها موجودة، وكما يُقال الحروب يخوضها الأغبياء !
المختار غميض