أثيوبياتقاريرسياسيةشؤون إفريقيةشرق إفريقياشمال إفريقيامصر
اضطرابات إثيوبيا تعاند مصر في حل أزمة سد النهضة

افريقيا 2050 __ تونس:
بعد أن كادت المفاوضات بشأن سد النهضة تنفرج قليلا، طلبت إثيوبيا تأجيل الاجتماع الثلاثي مع مصر والسودان، وتلقت وزارة الخارجية المصرية الأحد إخطارا من الخرطوم أفاد بتأجيل الاجتماع الخاص بسد النهضة، والذي كان مقررا له يومي 24 و25 فبراير الجاري.
وتشهد إثيوبيا اضطرابات أجبرت رئيس الوزراء هايلي ماريام ديسالين على الاستقالة من منصبه الجمعة، ما أرخى بظلال سلبية على الكثير من القضايا الساخنة التي تتشابك فيها إثيوبيا مع دول المنطقة.
وأكدت القاهرة أنها تتفهم الأسباب التي دفعت أديس أبابا إلى طلب تأجيل الاجتماع الوزاري، وتأمل أن تزول في أقرب فرصة وتتطلع لأن يتم الالتزام بالإطار الزمني الذي حدده القادة لحسم الخلافات الفنية القائمة.
وكان الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره السوداني عمر حسن البشير ورئيس الوزراء الإثيوبي المستقيل هايلي ماريام ديسالين، اجتمعوا في 27 يناير الماضي بأديس أبابا، على هامش اجتماعات القمة الأفريقية، واتفقوا على تقريب المسافات بشأن المشكلات العالقة حول سد النهضة.
وشهدت العلاقات بين مصر وكل من البلدين هدوءا بعد مرحلة من التوتر، وصلت إلى حد اتهام السودان القاهرة بالتدخل في شؤونه الداخلية والترتيب لعدوان مع إريتريا على شرق السودان، واتهمت القاهرة كلا من أديس أبابا والخرطوم في نوفمبر الماضي بتعطيل المفاوضات الفنية عمدا، ما يضر بمصالح مصر المائية.
وتشعر القاهرة أن تأجيل المفاوضات قد يعيدها إلى نقطة قاتمة مرة أخرى، لأن تعيين رئيس وزراء جديد في إثيوبيا قد يستغرق وقتا، كما أن أي مسؤول سوف يحتاج لبعض الوقت لاستكمال ما بدأه سلفه من مفاوضات سياسية.
ولا يستبعد البعض أن تؤثر التطورات الإثيوبية على ملف بناء السد، من زاوية احتمال تحويله إلى أداة أساسية للم شمل المواطنين خلف الحكومة، والتعامل معه باعتباره مشروعا قوميا عملاقا لتحقيق طفرة اقتصادية، في ظل أوضاع متردية على هذا المستوى.
ويمثل سد النهضة أيقونة لقطاع كبير من الإثيوبيين، ويرتبط باسم الزعيم الإثيوبي الراحل ملس زيناوي الذي وضع حجر الأساس له عام 2011 واتخذه رمزا للحياة والنهضة في بلاده.
وقالت مصادر شبه رسمية لـ”العرب” إن استقالة ديسالين لا تخدم المصالح المصرية، حيث تعهد الرجل في زيارته الأخيرة للقاهرة الشهر الماضي، بعدم تأثير مدة ملء خزان السد على منسوب المياه التي تصل إلى مصر سنويا، وغيابه عن السلطة التنفيذية “قد يعيد المفاوضات إلى نقطة الصفر مرة أخرى”.
وأضافت أن الاجتماعات الوزارية التي كان من المقرر عقدها للوصول إلى نقاط اتفاق بشأن المدة الزمنية لتخزين المياه تم تأجيلها من قبل الجانب الإثيوبي لحين استقرار الأوضاع هناك، ما يخدم أديس أبابا، لعدم وجود علاقة بين الاجتماعات وبين الاستمرار في أعمال بناء السد الذي وصلت نسبة إنشاءاته لنحو 65 بالمئة.
وتوقعت المصادر أن تبدأ إثيوبيا في تخزين المياه تزامنا مع موسم الفيضان خلال شهر يوليو المقبل، بعد أن كان من المقرر البدء فيها العام الماضي.
وقالت أماني الطويل مديرة البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن تغير رأس السلطة التنفيذية في إثيوبيا “لن يغير الموقف من استكمال بناء سد النهضة، بل ستكون هناك قيادة سياسية جديدة أكثر تشددا في إدارة هذا الملف”.
وأضافت لـ”العرب” أن الأوضاع الراهنة تؤثر سلبا على الحل السياسي الذي تتبعه مصر لتقليل أضرار السد عليها، كما أن الائتلاف الحاكم لا يزال يهيمن على مجمل الأوضاع هناك ولن يسمح بخروجها عن السيطرة، وسيدفع المؤسسات المختلفة للاستمرار في أعمال البناء لجمع شمل المواطنين.
وتعول مصر على السودان ليعود لدور الوازن السياسي مع إثيوبيا عقب التقارب بينهما مؤخرا، وظهرت تجلياته في عقد لقاءي قمة بين السيسي والبشير في أديس أبابا، تلاهما اجتماع رباعي عقد في القاهرة 8 فبراير الجاري، ضم وزير الخارجية ورئيسي جهاز المخابرات في البلدين.
وظهرت ملامح تحسن بين القاهرة والخرطوم، بعد قيام السودان بتعيين رئيس جديد لجهاز المخابرات والأمن الوطني هو الفريق صلاح عبدالله (قوش) المعروف بعلاقته الوثيقة مع مصر. وكان السودان تخلى خلال العامين الماضيين عن وقوفه بجانب مصر في ملف سد النهضة، وبدا قريبا من موقف إثيوبيا، وارتبط الاقتراب والتباعد بدرجة التوتر بين القاهرة والخرطوم، فكلما توترت مالت الثانية إلى أديس أبابا، والعكس.
وفي ظل التقارب الحثيث الراهن، تنتظر القاهرة عودة الخرطوم للتقارب معها وتفهم مخاوفها، لكن بعض الخبراء شككوا في ذلك وأوضحت أماني قنديل لـ”العرب” أن العلاقات بين البلدين والتي بدأت تأخذ أبعادا إيجابية ستكون لها تأثيرات على مجمل المواقف السياسية السودانية تجاه مصر، غير أن ذلك قد لا ينعكس بالضرورة على اتخاذ الخرطوم مواقف داعمة لمصر من سد النهضة.
المصدر: جريدة العرب بتاريخ 19 فيفري 2018.