رأي
الاستعمار والإرهاب … الأفعى إذ تتجدّد

افريقيا 2050 ___
الاستعمار ماكر خبيث. انظروا إلى مشهد الإرهاب وفككوه وأقصد جماعات العدم المعرّفة بين اسلامية وجهادية. متى بدأ حضورها وفعلها؟ طبعا لا أستدعي إلى رحلة تأخذ إلى قرون وإنما فقط التفكير في ما وقع خلال العقود الماضية. هذا يأخذنا إلى أفغانستان وغزو السوفييت. من رأى أن يبني منظومة الجهاد الأقغاني هناك؟ إنهم الأمريكيون في قلب الحرب الباردة والصراع على النفوذ. ماذا تحقّق؟ استنزاف للجيش الاحمر كان الكلّ يعتقد أن شعب أفغانستان يستفيد منه. ماذا وقع؟ بنى الأمريكيون معتمدين على مال السعوديين وفتاويهم وبالتنسيق مع الباكستانيين حركة طالبان التي بسطت نفوذها وذبّحت ما قدرت عليه ونسفت ودمّرت وكفّرت وأقامت للأفغانيين سجنا كبيرا وجعلتهم عنوان بربرية وتوحش.
من وراء كلّ هذا الإجرام؟ هل هي نصوص الاسلام من آيات وأحاديث وسير؟ لا. بكلّ المنطق والذوق لا. النصوص قد تلد لنا مجرمين ومرضى فرادى منعزلين ولكن من يبني منظومة بهذا العتوّ والجبروت ويمكّنها من عبور حدود وسلاح وتدريب وخطط وصولا إلى معدات رصد وتجسّس وادارة غرف عمليات؟ يفعل هذا من يستفيد منه ويراهن على هذه المنظومة استرتيجيا وينقلها جوا ويوفر لها كلّ الأسباب من خطب شيوخ إلى حبوب الكابتغون. إنه الاستعمار. وليت المصيبة تقف عند هذا الحدّ. هو بعدما يقضي حاجته من هذه الجماعات وبها يجعلها ترتدّ الى المجتمعات التي انطلقت منها لتُعمل فيها خناجرها فتصبح مجتمعاتنا حاضنة ارهاب وبالارهاب تُبتزّ اذ عليها أن تدفع من المال لأنها فرّخت الارهاب وعليها أن تنسّق في الأمن والعسكر لمقاومة الإرهاب مع الاستعمار الذي صنع الارهاب وعليها أن تغيّر مناهج التعليم لأنه يأتي بالارهاب وعليها أن تشرعن المثلية لأنّ اللّذة تقضي على الإرهاب وعليها أن تراجع قوانين الإرث بما يحرّر المرأة التي هي صمّام يقينا الارهاب. وفي كلّ هذه المناشط يقدّم لنا الاستعمار الخدمات ويقبض من عزيز المال.
السعودية دفعت من مالها الكثير لتمويل وتسليح وتلقين الإرهاب. هي تدفع الآن أكثر لتبعد عن نفسها تهمة الإرهاب وأكثر فأكثر لتتمدّن وتتحضّر علّها تصبح قلعة حداثة وتنوير. كان من هذا، يكون كما نرى ونشهد وسيكون منه أكثر. نفس الخطة من كابول إلى دمشق وبغداد مرورا بالجزائر وأكثر من عاصمة ومكان. نفس الخطّة كلّيا وتفصيليا. أن تنطلي علينا في كلّ مرّة مصيبة. ولج الاستعمار في السابق إلى مجتمعاتنا متحججا بأقلّ من هكذا ارهاب. الآن هو يصنع من المبررات ما يجعله يعود ليبقى ويخلد بيننا وعندنا.
يتجوّل مثقفون وجامعيون وأكادميون بين المواقع والشاشات والجمعيات والمنابر وأعمدة الصّحف للعن الارهاب والارهاب ملعون. ولكن البقاء على السّطح في موضوع الارهاب خطير بل هو مشبوه. تماما كالذي يسبّ السمّ ويقبّل الأفعى. الارهاب سمّ وأفعاه استعمار. ما لاحظته في مواقف كثيرة أنّ لعن الارهاب حلال الحلال وأنّ مجرّد الإشارة إلى الإستعمار كبيرة وحرام. كثير من لاعني الإرهاب اليوم ركوبة استعمار تماما كجحافل الإرهاب. هم دواعش يحسبون أنفسهم أذكياء. وحده الاستعمار ذكي ويعبث بالجميع. ذكي ذكاء مكر والله خير الماكرين.
هل سؤال داعش هو سؤال إسلام ومسلمين؟ لا. أولويّا لا. هو أولويّا سؤال برسم الإستعمار الذي يؤمن في كلّ ما أتى ويأتي وسيأتي بأنّ الغاية تبرّر الوسيلة. إذا رأى أنّه بداعش يبلغ الغايات هل سيتردّد؟ لا. وهل إذا لم يجد داعش يتردّد في صناعتعا وتركيبها؟ لا. هل تنتهي داعش؟ لا. هي كالاستعمار تتجدّد. قد يقول البعض: هذه نظرية المؤامرة؟ وهل كان الاستعمار استعمارا من دون المؤامرة؟ لا.
منصر هذيلي
المصدر: الصفحة الرسمية للكاتب بتاريخ 14 مارس 2018