دراساتشؤون إفريقيةشمال إفريقياليبيا
السبتمبريون وموقعهم في المشهد السياسي الليبي

علي عبداللطيف اللافي
تعيش ليبيا منذ أسابيع حركية سياسية واجتماعية متنامية في ظل الحديث عن قرب الحسم في خوض الانتخابات بشُقيها الرئاسي والتشريعي، وعمليا لاحظ الجميع تنامي وتطور الدور السياسي لأنصار القذافي او ما يسمى بــ”السبتمبريين”، فما هو مدى تأثيرهم الحالي والمستقبلي وما هي فسيفساء تياراتهم وهل هم وحدة متكاملة، وماهي طبيعة علاقاتهم ببقية أطراف المشهد الحزبي والسياسي والاجتماعي، وأي مستقبل لتلك التيارات أفرادا وتيارات وتنظيمات ولوبيات، وماهي طبيعة اصطفافاتهم الاقليمية؟
1-من هم السبتمبريون؟
من البديهي أن السبتمبريين هم أنصار القذافي وأنهم تحديدا الأشخاص والأطراف واللوبيات التي تمكنت من مواقع النفوذ خلال 42 سنة من حكم الملازم/العقيد معمر القذافي بعد انقلابه في 01 سبتمبر 1969 بغض النظر عن التباين الفكري والتنظيمي بينهم أو ما ترتب عن تصفية جزء من المكونات والروافد الفكرية التي قام عليها انقلاب 1969 فقد تم عمليا تصفية التيارين الناصري واليساري إضافة الى محاصرة واحتواء العصمتيين، وهم اليوم عمليا أطراف من قبائل وأمنيين وعسكريين ومثقفين ملتزمين بالخط العروبي للنظام السابق…..
2- السبتمبريين ومسارهم السياسي 2011-2014
لم يكن أنصار القذافي وحدة متكاملة منذ بداية السبعينات لطبيعة تطور وتشكل الدولة العميقة في ليبيا والتي كان القذافي نفسه متوجسا منها ويعي كنهها وأهمية أدوارها حتى أنه غير مقار البنايات الحكومية من حيث انشاء مبان جديدة في أكثر من مناسبة (طرابلس – سرت – الجفرة – طرابلس)، وقد تغير مشهد الأطراف المكونة للنظام في أكثر من محطة (1973- 1980- 1988- 1994- 2003 – 2007 …)، ولكن ومع انطلاق شرارة الاحداث في فيفري 2011 تغيرت موازين القوى عبر الانصهارات والاصطفافات وتعدد الانشقاقات في تركيبة القوى المؤثرة للنظام وتفكك قواه المؤثرة في الخارج والتي تحولت الى أدوات فردية للخلاص او لترتيب الاجندات المستقبلية عبر التموقع الصامت في العاصمتين التونسية والمصرية وفي عدد من العواصم الأوروبية…
ولكن مع سقوط النظام تم المسارعة في ترتيب الأوراق غبر ملامسة مسار التطورات الإقليمية، ومع بداية 2012 تم تشكيل قوى نخبوية في تونس والقاهرة لعبت أدوارا مهمة ورئيسية في تطورات الاحداث في بلدان الربيع العربي (أحمد قذاف الدم وعدد كبير من ضباط الأمن الخارجي السابقين ورجل أعمال مقيمين في الخارج)، ومع سقوط مرسي في مصر في بداية جويلية 2013، تغيرت المعطيات وأصبح لأنصار القذافي طموحات متنامية وطمحت بعض مكوناتهم في تصفية ثورة فبراير وتم احياء العديد من الارتباطات السابقة في الخارج وخاصة في افريقيا وفي عدد من العواصم العربية وفي تنمية التواجد البشري في المنطقة الغربية من ليبيا بعد فرار أغلبهم عشية موت القذافي، وهنا حدث تباين موضوعي بين تيارين:
أ- تيار أول يؤمن أن نظام القذافي انتهى موضوعيا ولن يعود وأنه من المستحسن تشكيل تيار وطني يستفيد من تقييم مسيرة العقود الماضية وأن ليبيا لكل الليبيين وان ثورة فبراير محطة يجب الاعتراف بها موضوعيا والبناء على نتائجها السياسية …
ب- تيار ثان، يؤمن أنه لابد من إعادة مسرح الاحداث للخلف عير ركوب موجة الثورات المضادة العربية، وأنه يمكن ركوب تيار الكرامة في الشرق الليبي إثر اعلان حفتر بداية سنة 2014 عن انقلابه الأبيض ثم عم عملية الكرامة …
وما حدث اثر الصراع بين فجر ليبيا والكرامة أن ضمر التيار الأول وبقي يبحث عن تشكل مع قبوله بترتيبات الصخيرات والاقتراب من السراج وحكومته، فان التيار الثاني تنامى واستطاع ركوب الاحداث وتغذيتها عبر دفع الاحداث هنا وهناك والاستفادة من مساحات الفعل في مصر وتونس وتطور الأوضاع الخليجية ومن مساندة دولة الامارات لأجنداته وعمليا اكان هذا التيار يعتبر بعض الأطراف مطية لتحقيق أهدافه في ما اعتبرته دول وأطراف في الداخل الليبي آلية ومطية ولوجستيك بشري ومادي لتحقيق طموحاتها السياسية واللوجستية، وقد استفاد هذا التيار من القدرات السياسية واللوجستية والمالية لعدد من كوادره (أساسا ضباط الأمن الخارجي والتي كانت غير معروفة لتيار فبراير وأحزابه ولا حتى لدول الجوار وأجهزتها السياسية والأمنية)، وعمليا تحركت ماكينات التيار للفعل وتحقيق مكاسب ميدانية واختراقية كبيرة عبر الدفع بالأحداث نحو مسارات معينة في الساحتين الليبية والمغاربية بالأساس ….
3- التنظيمات السياسية للسبتمبريين وأهداف تشكيلها 2014-2017
عمليا وجد أنصار القذافي منتصف 2014، أملا في العودة من بعيد عبر دعمهم الخلفي للجنرال/المشير خليفة حفتر بشكل مؤقت في انتظار تطور الاحداث والذي اعتمد على ضباط سابقين ذوي خبرة استراتيجية وتكتيكية وهو ما ساهم في السيطرة عسكريا على بنغازي وان بعد ثلاث سنوات وبفضل السبتمبريين استطاع أيضا رهم برلمان وحكومة طبرق لإملاءاته وأهوائه وعمليا وظف حفتر شعور انصار القذافي بالهزيمة وخاصة المتمركزين في تونس ومصر، وهم الذين مكثوا في البداية ينتظرون وعن قرب يراقبون ويتربصون، ثم وجدوا في ظهور الخلاف داخل تيار فبراير متنفسا لهم، فبدأوا بالمجاهرة بذلك حتى انهم أعلنوا تمسكهم بنظامهم السابق في صائفة 2013 مع الظهور القوي للثورتين المضادة في تونس ومصر وخاصة بعد الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي، وتجلى ذلك بوضوح من خلال الملتقيات والمسيرات في بعض مدن مختارة بدراسة ودراية، ورافق ذلك ظهور وعودة قنوات إعلامية محسوبة عليهم فتواصلوا معها فمولوها وخدمتهم تواصليا عبر ترذيل تيار وثورة فبراير، ثم أعلنوا لاحقا عن بعض التنظيمات السياسية على غرار:
أ- “الجبهة الشعبية لتحرير ليبيا”، والتي اتخذت من مصر مقرا لها وأعلنت عن نفسها في عام 2014 قبل ان يتم تغيير تسميتها بـــ”الجبهة الشعبية الليبية” مع بداية 2017، وهو تنظيم اختار “سيف الإسلام القذافي” زعيما له رغم انه يومها مازال في الأسر (لم يقع إطلاق سراحه الا في 10 جوان الماضي وفق ما هو مصرح به رغم أن البعض يؤكد أنه لا يزال مقيما في الزنتان بينما يروج البعض الآخر أنه يتردد على أوباري وأنه قابل والدته في امارة خليجية في صائفة 2017)، ورغم أن وضعه الصحي يُعيقه عمليا في لعب دور سياسي وسيكتفي حسب البعض الآخر بالتوجيه ودعم المصالحة الوطنية المرجوة ومع ذلك فان هذا التنظيم مرشح للعب أدوار سياسية مستقبلية وخاصة في ظل دعم الجنوب الليبي وقبائله وأهاليه …
ب- “حركة النضال الوطني“، وهو فصيل يدعمه “أحمد قذاف الدم”، المقيم في مصر، ويلتف حوله الكثير من أنصار القذافي وخاصة من الضباط السابقين في جهاز الأمن الخارجي، وهو حزب مفتوح مستقبله على كل الخيارات ومعروف عن قذاف الدم تذبذب خياراته ومواقفه فهو سابق له ان بعث عبر تصريحاته رسائل تلطيفية لتنظيم داعش قبل استقراراها في سرت، كما أكد لاحقا انه يحتفظ بضباط نخبة في كل من مصر وتونس…
ج- “جبهة الخلاص الوطني“، وهو فصيل كان يتخذ من الجزائر مقرا له تدعمه عائشة القذافي، وتم الإعلان عنه خلال سنة 2015 ويهدف الى عودة نظام اسرة القذافي تحديدا ويقدم سيف الإسلام كحاكم لليبيا الجماهيرية الجديدة، وقد أكد البعض أنه غير من استراتيجيته منذ بداية 2017…
والحقيقة أن هذه التنظيمات مجرد واجهات للوبيات مال وعلاقات خارجية ممتدة ومبنية منذ سنوات عبر مصالح وخدمات قديمة وجديدة وأيضا عبر امكانيات لوجستية…
واضافة لذلك لابد من التأكيد أن أنصار القذافي والمنقسمون على أنفسهم يخلطون بين السياسي والقبلي حتى أنهم قبل تأسيس التنظيمات الثلاث فقد ركبوا موجة دعم ما يسمى بمؤتمر القبائل والمدن الليبية والذي يبدو ظاهريا انه يشمل كل المدن والقبائل الليبية، ويخطأ من يعتقد أن أنصار القذافي وحدة متكاملة أو أنهم من الممكن أن يشكلوا حزبا سياسيا بالمعنى الكلاسيكي…
ومن الخطأ الاعتقاد أنهم قد ينشؤون حزبا موحدا أو جبهة سياسية واحدة بل أن هذه التنظيمات التي كونت تحت ظرفية معينة محليا وإقليميا قابلة للعيش مطولا أو أنهم من الممكن أن يبقوا تحت جبة أي تحالف محلي أو إقليمي لمدة طويلة ….
4- السبتمبريون وتفككهم الداخلي
يُمكن التأكيد أن السبتمبريين (أو أنصار القذافي) لم يكونوا يوما ما وحدة متكاملة ولن يكونوا ابدا، لا من حيث الرُؤى والتوجه والولاء ولا من خلال رُؤيتهم لمستقبل ليبيا وخاصة بعد جوان 2017
أ- فبعضهم انقلابين حيث سعوا في وقت سابق وخاصة في بداية 2017 لتكوين “المجلس العسكري”، ثم تبنوا لاحقا فكرة القذافي2 وعملوا على ذلك عبر توظيف أن الغرب مع قدوم ترامب قد يبحث عن قذافي جديد وبعضهم طمح أن يلعب حفتر ذلك مرحليا (على أن بعضهم كما سنبين لاحقا يكرههُ كُرها شديدا، وطبعا ساهم ذلك الفريق من أنصار القذافي في تغذية فكرة الانقلاب على مسار الحوار وعملوا ميدانيا على افشال حكومة التوافق بينما يطمح فريق ثان منهم في تصفية خصومهم في كُل ليبيا حتى لو تطلب ذلك بحرا من الدماء أو حرب أهلية…
ب- يعمل تيار داخل أنصار القذافي على إيجاد خطط بديلة في حالتي نجاح أو فشل التوصل إلى اتفاق سياسي محين لاتفاق الصخيرات وفي ترتيب سيناريوهات في حالتي تنظيم الانتخابات من عدمه في أكتوبر 2018….
ت- بعض أنصار القذافي وكما بينا أعلاه يرون أنه يُمكن عودة نظام القذافي بكامله والبعض الآخر يعتبر أن تنفيذ وصية العقيد في أن يقع ترتيب الأمور لصالح سيف الإسلام القذافي (أنظر الجزء الثاني من المقال)، وعمليا ينقسم أنصار القذافي في هذه النقطة إلى ثلاثة أطراف:
- طرف أول يرى في “سيف” مُنقذا للبلاد ….
- طرف ثان، يرى في ذلك تكتيكا أوليا في طريق عودة نظام القذافي باعتبار أن الغرب في تحليلهم طبعا ليس له أي إشكال مع سيف الإسلام، ومن الأسماء التي يُروجون إليها “محمد الزوي” و”جادالله عزوز الطلحي”…)
- طرف ثالث من أنصار القذافي فهو يرى في نجاح الحوار سبيلا أن تسترد بعض قبائل محسوبة عليهم حقها وأنه لا يجب معاملتها بناء على قربها السابق من الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، وهؤلاء يرون أن المصالحة الحقيقة هي في بناء جديد يدفن آلام الماضي…
والمؤكد أن أنصار القذافي مُشتتون ومُختلفون وقوتهم بشرية ومادية لوجستية ولكنها متمركزة أساسا في القوت الراهن في دول جوار ليبيا وأنه لا أمل لأنصار القذافي في إفشال الحوار الليبي الجديد رغم هامش قوة مقتدر ولكنه نسبي على إرباك الحكومة الليبية الجديدة، والأكيد أيضا أن قطاعات واسعة من أنصار القذافي مؤمنة حاليا بما قاله رجل المخابرات القوي في عهد القذافي عبدالله السنوسي، لقبيلة “المقارحة” في سجنه بعد القبض على محمد بن نايل سنة 2015 “عهد القذافي انتهى وولى ولن يعود وعليكم القبول بذلك والمشاركة في المسارات الجديدة”…
5- السبتمبريون وطبيعة التجاذب مع حفتر
يجب التأكيد أنه لولا السبتمبريين والدعم الإماراتي لحفتر، لانتهى مشروعه منذ زمن، خاصة بعد تفكك ائتلافه مع حلفائه المحليين من القبائل، وابتعاد المليشيات التي كانت تنضوي تحت لوائه، وقد عبر عدد من حلفائه السابقين من نخب وسياسيين عن ندمهم في الاصطفاف معه وأصبحت الصراعات مع عقيلة صالح ومع الفيدراليين وقبائل “البراعصة” و”العبيدات” و”العواقير” جلية للمتابعين…
والثابت أن مواقفه من أنصار القذافي ومن سيف الإسلام تحديدا لم تعد كما في السابق
أ- أكد في أكثر من مناسبة علنا وسرا أنهم أخطر من التنظيمات الإرهابية…
ب- بدت مواقفه من سيف الإسلام متناقضة بين فترة وأخرى وحتى لنفس الوسيلة الإعلامية (تصريحاته لجون افريك في مناسبتين مثالا للذكر لا للحصر).
ت- لابد من التساؤل موضوعيا عن سبب عدم ذهاب سيف الإسلام للبيضاء وهي مكان تواجد والدته وأخواله وهي في نفس الوقت عاصمة حكومة الثني المؤقتة…
عمليا العديد من أنصار القذافي وخاصة كبار المسؤولين والاداريين هم الآن أقرب للسراج وبعضهم يخدم تحت لافتته ميدانيا ولوجستيا وسياسيا وبالتالي يمكن التأكيد أن التيار الرئيسي لأنصار القذافي قد تخلى عن حفتر على المدى المتوسط والبعيد، ولكن الأكيد أن بعضهم مازال على علاقة بحفتر وخاصة العديد من العسكريين و لكن الثابت الأكيد أنهم سيكونون المحددين في مستقبله السياسي والعسكري وكما أكدنا في مقال سابق فأن الجنرال/المشير أمام مع سيناريوهات عدة بناء على تطورات الساحة الليبية والإقليمية والدولية حيث سيكون السبتمبريين محددا موضوعيا في مستقبل الجنرال/المشير لطبيعة تنوع وجودهم سياسيا وعسكريا وتنوع تواجدهم في الجهات (الشرق – الغرب – الجنوب) وفي كال الحالات فأن غالبية السبتمبريين يرغبون في غياب حفتر من الساحة السياسية والعسكرية وان دوره بالنسبة لهم انتهى موضوعيا ولم يعودوا في حاجة له….
6– السبتمبريون وعلاقاتهم بمكونات المشهد السياسي والاجتماعي
أ- إن الطبيعة الأمنية والعسكرية والثقافية لانصار القذافي تجعلهم في عداء فكري وسياسي مع بقية المكونات، ومع المنشقين على النظام سنة 2011 من ليبراليين واداريين وتكنوقراط، ولكن طبيعة التنوع قد تجعل البعض منهم قادرا على القبول بالمتغيرات وتفهم الواقع الجديد محليا وإقليميا، في علاقته بالإسلاميين والليبراليين ودفع بعض ذوي التوجهات الناصرية واليسارية الى الاستنجاد بالسبتمبريين لبناء أحزاب قوية وفاعلة، كما أن العديد منهم ممن لم تتعلق بهم قضايا وجرائم قد يجدون أنفسهم في أحزاب ليبرالية ووسطية بالأساس، على غرار “حرك نعم ليبيا”، والذي يمكنه أن يكون بديلا سياسيا قادرا على الاستفادة من المسافة البينية المتروكة سياسيا واجتماعيا نتاج أنه خليط بين السبتمبريين والفبراريين، على أنه قد يجد نفسه يتنافس مع تحالف القوى الوطنية….
ب- أما العلاقة بالمكونات الاجتماعية فستختلف من مدينة الى أخرى لطبيعة الخارطة الاجتماعية والقبلية في ليبيا والتي لم تتغير منذ عقود…
7– في طبيعة الاصطفافات الإقليمية للسبتمبريين
إن الخارطة المكونة لأنصار القذافي متنوعة ومعقدة التركيب من حيث التكوين الفكري والعسكري وتغير الرؤية السياسية للمستجدات والمتغيرات وهو ما يعني أن السبتمبريين ليسوا وحدة متكاملة من حيث الاصطفاف الإقليمي:
أ- بعضهم قريب من الامارات لوجستيا وماديا وفي قراءاته للمسارات التي يجب ان تكون عليها المنطقة مستقبلا…
ب- يجد البعض الآخر مساحات في تركيا لإدارة أعمالهم التجارية والخدماتية…
ت- أما العلاقة مع مصر فهي تخص السبتمريين الأقرب الى حفتر أو بعض المقربين من عقيلة صالح، أو المقربين من أحمد قذاف الدم وحزبه الواجهة حركة النضال الوطني …
ث- أما الجزائر فعلاقتهم بها هي أقرب للتعقيد والتنوع أي من التواصل الكامل الى التنافر نتاج عوامل عدة على غرار أنها تتعامل مع كل المكونات والأحزاب….
ج- يدافع بعض السبتمبريين على نظام الأسد ويعتبرون ان بقاءه هدف استراتيجي لهم…
ح- تتناقض علاقاتهم مع السعودية من مكون الى آخر ومن فرد الى آخر لطبيعة الإرث التاريخي بين نظام العقيد والسعوديين رغم الحديث عن أن المقربين من سيف الإسلام يضعون كل ثقلهم في سلة المملكة…
8- موقع السبتمبريين داخل السيناريوهات المرتقبة في ليبيا
تؤكد المعطيات القريبة من الفاعلين في إدارة الملف الليبي في المطابخ السياسية الدولية أن هناك أربع سيناريوهات يقع الاشتغال عليها:
أ- السيناريو الأول، وينبني على الدفع في مزيد توتير الساحة الليبية وتقسيم المقسم وتجزئة المجزأ وصرف النظر عن معالجة الأزمة مما يفتح الأمر على سيناريوهات غامضة وخطيرة، وهو سيناريو ضعيف ولكنه خطير وقد يؤدي للحرب الاهلية، وقد تكون خاتمة ذلك تسليم حكم ليبيا لشخص أو طرف مستعد أن يبيع سيادة ليبيا، وهو سيناريو سيخسر به السبتمبريون كل شيء رغم ان بعضهم يعتقد أن ذلك طريقة ممهدة لسيناريو القذافي2…
ب-السيناريو الثاني، وهو سيناريو ينبني على إجراء تعديلات تجميلية على سيناريو “القذافي2” عبر إيجاد تسويق إقليمي ودولي لحفتر مثلما حدث في نوفمبر 2014 او لشخص بديل له وفي هذه الحالية سينقسم السبتمبريون الى فريقين …
ت- السيناريو الثالث، ويتمثل في إعادة تفعيل ناعمة لسيناريو ليبيا الغد والترويج لفكرة سيف الإسلام القذافي كزعيم مستقبلي، الا انه سيناريو ضعيف نتاج وضعه الصحي ومذكرات الجنائية الدولية، خاصة بعد التقرير الفرنسي الذي يتحدث عن مصيره الغامض وسيكون الانقسام داخل صف السبتمبريين قائم أيضا…
ث- السيناريو الرابع، وهو سيناريو الدفع بإجراء الانتخابات في نهاية السنة الحالية على ان يسبق ذلك بتكوين جسم سياسي (أي استنساخ تجربة “نداء تونس” بنسخة ليبية)، والأقرب أن يكون السراج أولوي في هذا السيناريو، خاصة في ظل دعم أمريكي له منذ أشهر ووجود العديد من القيادات السبتمبريين كرئيسيين في التنزيل والدعم اللوجستي له، بينما سيقف بعضهم ضده والاصطفاف مع خصومه.
9- أي مستقبل سياسي للسبتمبريين؟
بينت الأحداث والتطورات أن الشعب الليبي أصبح اليوم أكثر نضجا مما مضى، حيث أثقلته التجارب السابقة التي مر بها وزادته يقظة، ولدى الليبيين اليوم قناعة تامة بأن ثورة فبراير حققت الكثير من أهدافها رغم الأخطاء القاتلة للعديد من النخب السياسية، وبناء على ذلك فإن السبتمبريين قد تتوفر لهم أسبقية عددية بالنسبة للناخبين فانهم قد يخسرون أوراقهم نتاج تجاذب علاقاتهم مع حفتر وسيف الإسلام وتفككهم الداخلي وبداية مسار تراجع الثورات المضادة في المنطقة خاصة وأن تيار المغالبة داخلهم بنى استراتيجياته على توظيف المنظومات القديمة في مسار عودتهم للساحة وأسندوها لوجستيا في ليبيا انطلاقا من مصر وتونس، ونتاج أن كل داعميهم لا يعتبرونهم طرفا بل آلية وأداة لتحقيق المرامي التكتيكية والاستراتيجية….
ولاعتبار ان المشهد السياسي الحالي معقد عمليا في طرابلس وأخطر في فزان، بينما لا توجد في برقة امكانيات تذكر لأي مخرجات سياسية، وهو ما يعني أن مستقبل السبمتبريين مرتبط بقدرتهم على القبول بخيار التوافق والدفع نحوه والا فانهم قد يخسرون كل شيء في اللحظة الحاسمة…
والثابت أنهم أي السبتمبريون قد عادوا واستعادوا بعض مساحات بسبب إخفاقات تيار فبراير وتسامحيته الغرضية، إلا أن تواصل الانقسام الجذري بين الافراد والتيارات داخلهم وطبيعة التكوين ووجود فريقين (الجذريين – الواقعيين) في قراءة التطورات وأيضا بين الرؤية المستقبلية وبين الحنين للماضي…
المصدر: صحيفة الرأي العام التونسية بتاريخ 29 مارس – 05 أفريل 2018