رأيشؤون إفريقيةشمال إفريقياليبيا
الإصلاحات الاقتصادية، بين توقعات المختصين وترقب المواطنين

في الخامس من يونيو الماضي، احتضنت العاصمة التونسية الاجتماع الاقتصادي حول ليبيا، بحضور نائبي رئيس المجلس الرئاسي أحمد معيتيق وفتحي المجبري ومحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، وممثلين عن دول أوروبية ومؤسسات مالية وبرعاية السفارة الأمريكية لدى ليبيا.
وجاء هذا الاجتماع من أجل تحسين الوضع الاقتصادي المتدني في ليبيا الذي أنهك المواطنين وألقى بضلاله على حياتهم المعيشية في ظل الأزمة السياسية والانقسام المؤسسي الذي تعيشه البلاد منذ سنوات، بسبب الصراع بين الفرقاء الليبيين في شرق البلاد وغربها.
واتفق المشاركون في اجتماع تونس، على حزمة من الإصلاحات الاقتصادية، تتضمن زيادة مخصصات الأسر السنوية من الصرف الأجنبي من 500 دولار إلى ألف دولار، وإعادة تفعيل قرار دفع علاوة الأسرة والأبناء، ورفع الدعم عن المحروقات، وتغيير سعر الصرف الأجنبي المتاح للاستيراد والعلاج والذي سيكون متاحا للجميع.
مساعي الرئاسي للتنفيذ
ويسعى المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني مع مصرف ليبيا المركزي وشركائهم الاقتصاديين المحليين والدوليين إلى تنفيذ ما نتج عن هذا الاجتماع من إصلاحات اقتصادية والتي تستهدف دعم الاستقرار ولإنقاذ ما يمكن إنقاذه من اقتصاد البلاد الذي يشهد انهيارا حادا، بحسب ما وصفه مختصين اقتصاديين.
واتفق رئيس المجلس فائز السراج، خلال اجتماعه مع نائبه أحمد معيتيق، ومحافظ المصرف المركزي الصديق الكبير، ووزير التخطيط المفوض طاهر الجهمي، على الخطوات التنفيذية لبرنامج الاصلاح الاقتصادي الذي يشمل حزمة من الإجراءات.
وأكد السراج، خلال هذا الاجتماع الذي عقد في الأول من أغسطس الجاري بطرابلس لبحث الإطار النهائي لبرنامج الاصلاح الاقتصادي في البلاد، على استكمال استعدادات المجلس الرئاسي لوضع الخطوات المتفق عليها موضع التنفيذ، وفق ما ذكر المكتب الإعلامي لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني.
من جانبه، أكد الصديق الكبير خلال الاجتماع، جاهزية المصرف والقطاع المصرفي لتنفيذ تلك الإجراءات ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي، وقد تدارس الحاضرين في الاجتماع الآثار المترتبة على تنفيذ هذا البرنامج الذي سيعتمد خلال الفترة القريبة القادمة.
توقعات واحتمالات
فهل سينجح المجلس الرئاسي والمصرف المركزي وشركائهم المحليين والدوليين في تنفيذ هذه الإصلاحات الاقتصادية التي يبني عليها الليبيين آمالهم للتخفيف من معاناتهم المعيشية، لينعموا بعيش كريم نظرا لما تتمتع به البلاد من موارد هائلة؟.
وتوقع صحفي مهتم بالشأن الاقتصادي في ليبيا، نجاح المجلس الرئاسي في تنفيذ بعض الإصلاحات الاقتصادية، والتي من شأنها تخفيض سعر صرف الدولار في السوق الموازي، ولكنه أكد أن هذه الإصلاحات ستكون مؤثره على المدى القريب، وستفشل على المدى الطويل كما حدث في العام الماضي، بسبب عدم وجود استقرار سياسي وأمني.
وأشار الصحفي الذي رفض ذكر اسمه، إلى وجود بعض العقبات التي ستقف ضد هذه الإصلاحات من بينها عدم وحدة المؤسسات الاقتصادية وعدم وجود مؤسسات وأجهزة لها القوة والسيطرة لتنفيذ القوانين واللوائح، مما يجعل الأمر أشبه بمغامرة غير محسوبة النتائج، على حد تعبيره.
وقال الصحفي لليبيا الخبر، إن الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها المواطن اليوم، هو جزء لا يتجزأ من الصراع الدائر في ليبيا على السلطة، ولإنهاء هذه الأزمة لابد من نهاية هذا الصراع بأي شكل من الأشكال، منوها إلى أن الأزمة في ليبيا سياسية صرفه، والصراع القائم أهلك مؤسسات الدولة، وانعكس على جميع جوانب الحياة.
عقبات سياسية
وأوضح الكاتب الليبي علي أبوزيد، أن الإصلاحات الاقتصادية تهدف بشكل رئيسي إلى تخفيف العبء عن كاهل المواطن، وتلافي بعض الأزمات المتفاقمة من شح السيولة والشلل المصرفي، واتساع الهوة بين سعر صرف الدينار الرسمي مقابل الدولار وسعر الصرف في السوق الموازي.
ورأى أبوزيد في تصريحاته لليبيا الخبر، أن الإصلاحات المعلن عنها لم تتضح بشكل جيد ورسمي إلى الآن، إضافة إلى كونها مؤشراً غير جيد، لأن التصريحات حول هذه الإصلاحات المزمعة يظهرها في مظهر الحلول الآنية التي تعالج بعض نتائج ومضاعفات الوضع الاقتصادي المتردي، على حد قوله.
وأشار أبوزيد، إلى أن الانقسام السياسي والانشطار المؤسسي في البلاد سيؤثر سلباً في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية من حيث تأخير تفعيلها، وكذلك من حيث الرقابة الفاعلة على تنفيذها، بالإضافة إلى تضارب المؤسسات المنقسمة في تنفيذها من عدمه.
وأكد الكاتب الليبي على وجود بعض العقبات التي تقف أمام الإصلاحات الاقتصادية، موضحا أن هذه العقبات تتمثل في التزام مؤسسات الدولة بتنفيذها، وتوفير حدّ أدنى من الاستقرار واستمرار تدفق وإرادات النفط، مؤكدا أنه إذا لم تتوفر هذه الأمور فإن هذه الإصلاحات ستكون في مهب الريح، وفق تعبيره.
جهود المصرف المركزي
ويجمع مراقبون محليون ودوليون إلى أن السبب الرئيس في الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تشهدها ليبيا منذ أعوام هو انقسام المؤسسات السيادية في البلاد من بينها البنك المركزي بين إدارتين غربية في طرابلس وشرقية في البيضاء.
وكان المصرف المركزي بطرابلس، قد أعلن في السابق عن وضع الإطار العملي لإجراءات الإصلاحات الاقتصادية المتفق عليها من خلال ثلاثة مسارات، يشمل المسار الأول معالجة سعر صرف الدينار الليبي من خلال فرض رسوم على مبيعات النقد الأجنبي.
أما المسار الثاني للإطار العملي لإجراء الإصلاحات الاقتصادية سيكون معالجة ملف الدعم، والمسار الثالث آلية التعويض للتخفيف من انعكاسات وآثار قرارات الإصلاح الاقتصادي على معيشة المواطنين.
ويترقب الليبيون بشدة إعلان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني إقرار الإصلاحات الاقتصادية المتفق عليها في تونس وفق جدول زمني لإنهاء معاناتهم.
المصدر: صحيفة رؤية ليبية ، العدد 11 ، بتاريخ 13 أوت 2018