رأيشؤون إفريقيةشمال إفريقيامصر

د. محمد محسوب: النظام المصري لن يبقى يوماً واحداً إذا اتفقت المعارضة

        أكد الدكتور محمد محسوب، وزير الشؤون القانونية والبرلمانية المصري الأسبق، أن النظام المصري أضعف من أن يبقى يوماً واحداً في السلطة، فيما لو اتفقت أطياف المعارضة المصرية وانتظمت حول مشروع وطني واحد ومطالب محددة وواضحة، مضيفاً أن هذا النظام يتغذى على خلافات القوى السياسية والوطنية، ويُغذي النزاعات الفكرية والمذهبية، بل والدينية والعرقية، مستشهداً بما حدث في محافظة المنيا جنوب القاهرة بين مصريين مسلمين ومسيحيين من اقتتال.

صناعة دكتاتورية:

ووصف محسوب في حوار مع “عربي 21” الفتن التي يخلقها النظام بين أبناء الشعب المصري بأنها “صناعة دكتاتورية بامتياز”، مبيناً أن هذا الأمر جرى افتعاله أثناء الثورة لإعادة الفرقة بين الشعب، واليوم يجري إعادة إنتاج ذلك من السلطة في سعيها لزيادة أسباب الشقاق، معتبراً أن حالة المصريين في سيناء والمصريين النوبيين، نماذج لصناعة الفرقة.

وشدد المعارض المصري المقيم في فرنسا على أن الشعوب الممزقة لا يُمكنها أن تواجه سلطة دكتاتورية، بل ستستسلم لها، موضحاً أن القوى السياسية تحتاج إلى أن توحد نفسها لتعطي الشعب نموذجا للوحدة، وأن تكون النموذج الذي يتطلع إليه الشعب ويسير معه ويتمنى له الفوز في معركة الحرية.

ودعا محسوب إلى إقصاء متطرفي القوى الإسلامية والليبرالية، معتبراً هذا الأمر يفتح الباب أمام اصطفاف الجماعة الوطنية، وينفتح الباب أمام بناء صف وطني واحد يمكنه إحداث التغيير المأمول.

نظام متطرف:

واعتبر النظام كله متطرفاً ولا يعرف مصر ولا يعمل من أجلها، ولا يود أن يسمع صوت الشعب، ويسعى لسد كل طرق الإصلاح، مضيفاً: لم يعد بهذا النظام عقلاء ولم يتبق له عقل، فقط تبقى له بطن جشع يبتلع كل شيء، وقمع باطش يصيب كل من يعترض، موضحاً أن الدولة ليست النظام، فالمؤسسات هي كيانات وطنية يشغلها مصريون يعيشون في المدن والقرى والأحياء الشعبية، مصريون يؤمنون بما نؤمن به ويأملون في الإصلاح والتغيير ويحلمون بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية، وبالتالي لا يمكن اختصار المؤسسات في أولئك الذين عيّنهم النظام لإفسادها، ولا يمكن اختصار الدولة في السلطة التي تختطفها.

الدولة المصرية:

ورأى أن النظام يعتبر أن الدولة المصرية دولته والمؤسسات مؤسساته، ودورنا هو استعادتها وإنقاذها وإعادتها لوظيفتها التي نشأت لأجلها، مؤكداً أن وضع القوى الوطنية عقب 30 يونيو 2013 شديد المأساوية والصعوبة، ومن يرى الوضع في وقتها لا يمكنه أن يتصور أن الصف الوطني يمكنه أن يعيد ترتيب نفسه قبل جيل كامل، مشيراً إلى أن الوضع الآن مختلف تماماً؛ فالجماعة الوطنية اليوم ليست كما كانت في السنوات الأربع السابقة، فهي تشعر بنفس المشاعر وينبض قلبها بنفس الدقات وتحمل نفس الحلم، وما تحتاجه هو أن تفكر بنفس العقل، وهو ما يعني أن ما تبقى هو مرحلة بناء العقل الجمعي للجماعة الوطنية، عن طريق خلق منظومة للتنسيق والتواصل واتخاذ المواقف الموحدة، وأعتقد أننا في الطريق إلى ذلك.

وطالب بضرورة إنشاء غرفة للحوار الوطني، معتبراً ذلك هو المقدمة لبناء العقل الذي سيدير حركة الجماعة الوطنية، موضحا أنه من الناحية العملية، فإن الجميع ينخرط الآن في نقاشات وحوارات بناءة حول من أين نبدأ وكيف نتجنب الانزلاق مرة أخرى لِنَفَقِ التقسيمِ والفرقة، وما هي معالم المشروع الوطني، مشيراً إلى أن مؤسسات الدولة سعت للتغيير عن طريق استغلال فرصة الانتخابات وهو ما فجر صراعات داخل النظام.

ووصف حالة الجماعة الوطنية بعد انقلاب 3 يوليو 2013، بأنها كانت الأسوأ ولا يُمكن مقارنتها بأي من المراحل السابقة منذ الانقلاب، معتبراً أن القوى السياسية اجتهدت في إرسال رسائل واضحة إلى مؤسسات الدولة وإلى رموز من داخلها للتأكيد على تطمينات تؤكد على أن القوى السياسية الإصلاحية تسعى لإنقاذ الدولة لا لهدمها، ولحماية المؤسسات لا لمعاقبتها، وتعبير مؤسسات الدولة عن رفضها لسياسات السلطة جاء لإدراكها خطورة الاستمرار بالمسار الحالي.

مؤسسات الدولة:

وأشار إلى إنه وضّح لكل من يريد أن يفهم الحالة المصرية، أن مؤسسات الدولة سعت للتغيير عن طريق استغلال فرصة الانتخابات، وهو ما فجر صراعات داخل السلطة ذاتها، وأيا كان نتائج هذا الصراع، فقد أثبت أن الدولة أكبر من تلك السلطة، وأنها لم تبتلعها، بل وتسعى إلى لفظها، مشددا على أنه لا توجد معارضة تتنازل عن مطالب شعبها؛ لأنها لا تمتلك الآليات لتحقيقها، والواقعية لا تعني التسليم بواقع مرير يُفقر الشعب وينهب مقدراته، ولا التنازل عن حقوق وحريات المواطنين أمام بطش سلطة فاشية.

واعتبر محسوب، الذي يشغل الآن منصب الرئيس الحالي للجبهة الوطنية المصرية، أن الواقعية تعني إدراك الإمكانات والبحث عن تطويرها، ووضع اليد على المشكلات ومحاولة إصلاحها حتى تستجمع الحركة الوطنية أسباب فرض الإصلاح، أما عن الثورة فهي حلم، وليس لها آلية إلا الالتحام بالجمهور وإقناعهم بأن الحلم يستحق المحاولة ويستحق التضحية، مبيناً أن الحديث عن آليات وأدوات يعني امتلاك مؤسسات، والمؤسسات لا تمتلكها إلا الدول، والجماعة الوطنية المصرية بالتأكيد تحتاج لتنظيم نفسها، لتقنع الشعب أن يسير معها، فهذا هو الطريق الوحيد والآلية المثلى، وهو ما تتجه إليه الجماعة الوطنية بالفعل.

مسار الحرية:

وأكد أن تقزيم الحلم وتحويله إلى مطالب آنية أو فئوية هو استسلام للفاشية، وهو ما لا يفعله أي وطني، مبيناً أن الجماعة الوطنية المصرية قادرة على تحقيق التغيير المطلوب لإعادة مصر إلى مسار الحرية والحقوق والإصلاح، بشرط اكتمال حالة الاصطفاف الذي نقترب منه.

المبادرات والحلول السياسية:

ورأى أن اعتقال السفير معصوم مرزوق – بعد مبادرته الأخيرة- أغلق أي أحاديث عن المبادرات والحلول السياسية، مضيفاً أن تلك المبادرة فضحت متاجرة السلطة وإعلامها وممثليها الذين يروجون بأن المعارضة لا تقبل التسويات، متهماً السلطة بأنها أغلقت باب التسوية وراوغت منذ أول يوم لانقلابها لتفوت على الوطن فرصة التصالح وتبني الحلول السلمية والمعقولة التي كانت كافة الأطراف قد قبلتها، سواء تحالف دعم الشرعية أو جبهة الإنقاذ.

المصدر: بوابة الشرق الالكترونية بتاريخ 27 سبتمبر 2018

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق