التشادتحاليلسياسيةشؤون إفريقيةوسط إفريقيا

تشاد: كواليس وخلفيات عودة المعارضة لمشاركتها في الحوار التمهيدي في الدوحة بعد تعليقها لذلك منذ 16يوليو الجاري

علي عبداللطيف اللافي – كاتب ومحلل سياسي مختص في الشؤون الافريقية

أعلنت أبرز الحركات التشادية المعارضة أول أمس الجمعة 22 جويلية/يوليو عن قرارها  بتعليق مشاركتها في المفاوضات التي تعقد في الدوحة، وقالت “المنسقية الوطنية من أجل التغيير والإصلاح”، و”مجموعة روما”، و”مجموعة الدوحة”، في تصريحات صحافيةإن العودة جاءت عقب إجراء حوار مثمر أول أمس الجمعة مع الوسيط القطري مؤكدة مجدداً ثقتها بذلك الوسيط في هذه المرحلة التي وصفتها بـ”الحاسمة من المحادثات” وأعربت عن شكرها له، ولكن ما هي كواليس وخلفيات عودة المعرضة لمشاركتها في الحوار التمهيدي بعد تعليقها له منذ أيام احتجاجا على نقاط عدة وعلى ممارسات الوفد الحكومي، ومعلوم أن الحوار التمهيدي قد انطلق في أولى جولاه في 13 مارس الماضي بين 52 فصيلا معارضا وممثلين عن المجلس العسكري المعارض وكل ذلك يهدف الذهاب لحوار نهائي في العاصمة التشادي نجامينا؟

 

1- كيف ولماذا علقت المعارضة مشاركتها في 16 يوليو الجاري؟

  • علقت حركات المعارضة السياسية والعسكرية المشاركة في المفاوضات التي تجرى في العصمة القطرية الدوحة مع وفد الحكومة مشاركتها في المفاوضات يوم 17 من الشهر الجاري وفي بيان لها قالت أن ذلك التعليق يأتي كي “يتسنى للوسيط القطري تهيئة بيئة صحية وقابلة لمواصلة المحادثات”، ولإعطاء فرصة حقيقية للسلام في تشاد”، واعتبرت نفس الحركات اختيار الحكومة الانتقالية التشادية 20 أغسطس/آب المقبل موعداً لإجراء الحوار الوطني الشامل ذي السيادة، من دون إجراء مشاورات مسبقة أو إخطار مباشر، “خطة معدة سلفا لاستبعاد جزء من الحركات السياسية والعسكرية وحلفائها عن الحوار الوطني الشامل”، ومعلوم أن نفس الحركات الموقعة على ذلك البيان (“المنسقية الوطنية من أجل التغيير والإصلاح -مجموعة روما -مجموعة الدوحة”) ما وصفته في نفس البيان بـ”المحاولات المتكررة للوفد الحكومي الرامية بالإحلال محل الوسيط عبر التدليس بأساليب مجرمة، والمناورات التسويفية التي يقوم بها وفد الحكومة عبر شراء الذمم والتهديد والمضايقات والتخويف والتضليل الإعلامي، بهدف تعطيل روح المفاوضات”، وعمليا ينتقد المعارضون ما يقولون انها “تصرفات غير مقبولة من الوفد الحكومي، الذي يقوم بتوجيه بعض التهديدات لأعضاء المعارضة من خلال بعض المجموعات المحسوبة عليه، وسعيه لشراء الذمم وإعطاء الوعود لمن يوقع على مشروع الحكومة الذي قدمته للوسيط القطري”، وكانت الحركات السياسية والعسكرية التشادية قد رحبت بالمواقف التي أعرب عنها مجلس الشيوخ الأميركي، الذي طالب المجلس الانتقالي العسكري باحترام التزاماته وإجراء انتخابات حرة ونزيهة وشفافة في غضون فترة زمنية وجيزة”، ودعا رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ الأميركي، بوب مينينديز، إلى عملية انتقال ديمقراطي سريع في تشاد، وإجراء انتخابات حرة والتأكيد على عدم أهلية أعضاء المجلس العسكري الانتقالي للمشاركة بالانتخابات، كما دعا حكومة الولايات المتحدة إلى اتخاذ إجراءات ضد المجلس العسكري الانتقالي، وإلى إعلان الخطوط العريضة لمحاسبة مرتكبي انتهاكات حقوق الإنسان وتعليق المساعدات الثنائية غير الإنسانية إلى تشاد، حتى تُستعاد الحكومة المدنية من خلال انتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة، كما طالب مينينديز بالإفراج عن المعتقلين بشكل غير قانوني، كما أكد دعمه جهود الاتحاد الأفريقي لتنظيم انتخابات قبل 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2022، وهو الموقف الذي انتقده المجلس الانتقالي العسكري واعتبره تدخلا في الشؤون الداخلية لتشاد.

وعمليا يعلم كل المتابعين أن الوسيط القطري قدّم، في الثلاثين من يونيو/ حزيران الماضي، مشروع اتفاق جديد لتحقيق السلام في تشاد، إلى وفدي كل من الحكومة التشادية ومجموعات المعارضة الثلاث، التي تمثل الحركات السياسية والعسكرية المشاركة في حوار الدوحة، وجاء مشروع الوساطة الجديد، الذي طلب الوسيط القطري من الطرفين دراسته والرد عليه خلال عدة أيام، بدلاً من “مشروع السلام التشادي” الذي سحبه منتصف شهر يونيو/ حزيران الماضي بعد يومين فقط من تقديمهوخاصة بعد رفض الطرفين، الوفد الحكومي والمعارضة التشادية لذلك المشروع الأول وكانت المعارضة التشادية قد رفضت ما ورد في المشروع الأول بخصوص تشكيل لجنة من جميع الأطراف، خلال 7 أيام من توقيع الاتفاق، لبدء نزع السلاح، ورأت أن نزع سلاحها يجب أن يكون بالتوازي مع تشكيل جيش وطني، وفي ظل حكومة منتخبة، فيما اعترض الوفد الحكومي على ما ورد في المشروع السابق بخصوص منع أعضاء المجلس العسكري من الترشح في الانتخابات التي يفترض أن تجرى بعد المرحلة الانتقالية، بحسب المشروع، واقترح تعديل ميثاق المرحلة الانتقالية، وقد شملت التعديلات التي وردت في مشروع السلام الجديد بنودا تتعلق بوقف إطلاق النار، وتأجيل مرحلة “نزع السلاح”، التي اعترضت عليها المعارضة، إلى مرحلة متأخرة من تطبيق الاتفاق، كذلك تُرك اقتراح تعديل المرحلة الانتقالية، وترشيح أعضاء في المجلس العسكري لانتخابات المرحلة الانتقالية، وتشكيل الجيش الوطني، وعدد من البنود الأخرى، إلى الحوار الوطني الشامل، المفترض عقده في العاصمة التشادية نجامينا، بعد انتهاء حوار الدوحة التمهيدي، والتوصل إلى اتفاق بهذا الشأن.

2- كواليس وخلفيات تعليق التعليق والعودة لجلسات الحوار التمهيدي

  • أولا، كان من الواضح ان خطوة التعليق هي خطوة تكتيكية من المعارضة وأن أطرافا اقليمية ودولية قد دخلت على مربع شروط الوفد الحكومي التعجيزية وبالتالي كانت عملية التعليق ضرورية خاصة بعد تبين بعض فصائل ان الوفد الحكومي يمارس تكتيك الترغيب والترهيب وسياسة الاختراق لفصائل عدة إضافة الى اللعب على عامل رغبة القطريين في التسريع بإنهاء الحوار التمهيدي بناء على أولويات الحكومة القطرية في بعض ملفات أخرى (تنظيم كاس العالم – العمل على الحصول على تنظيم كاس آسيا 2023 – الملفات الأخرى على غرار الملف السوداني والافغاني والليبي والتونسي)
  • ثانيا،وضعت المعارضة في حساباتها أن مواصلة التعليق وافشال الحوار التمهيدي يعني إعطاء فرصة للجلس العسكري الحاكم لنقض كل التزاماته ومواصلة التحكم في البلاد وعمده هو وبعض قوى دولية وإقليمية لوصف ووسم فصائل المعرضة بالإرهابية وهو ما يعني انها قد تخسر مساحات في ليبيا والسودان وفي روما والدوحة والأكيد ان فرنسا وامريكا وتركيا واطراف اقليمية أخرى قد أوصلت رسائل لفصائل المعارضة بخصوص ذلك، كما أن تعليق التعليق جاء بعد مشاورات كثيفة بين فصائل المعارضة ومجموعاتها المختلفة وهو ما أكده نائب رئيس وفد “جبهة الوفاق من أجل التغيير” في تشاد (فاكت) أي “محمد شريف جاكو”، عبر القول إن المجموعات التي سبق أن أعلنت مقاطعتها المفاوضات اجتمعت مساء أمس الجمعة مع الوسيط القطري، ووافقت على العودة عن قرارها بالمقاطعة، كما أضاف “أنهم استلموا من الوسيط القطري مشروعاً معدلاً لمشروع السلام في تشاد، الذي سبق أن قدمه الوسيط القطري أواخر شهر يونيو/ حزيران الماضي، لطرفي المفاوضات؛ الوفد الحكومي والحركات التشادية المعارضة، مؤكداً الاتفاق مع الوسيط القطري على إرسال رد مجموعات روما والدوحة والتنسيقية على المشروع غداً الأحد”، ووفق المجموعات التشادية التي التقت الوسيط القطري، فقد أوضح الأخير “أن الدوحة تواصلت مع جميع الأطراف، والجهات الدولية الفاعلة والضامنة لمقررات مفاوضات السلام التشادية في الدوحة، وقال إنه “يجب إعطاء الملاحظات على المشروع الجديد بحلول الأحد القادم بغية الانتقال إلى مرحلة التوقيع بالأحرف الأولى”، معتبراً المشروع المعدل “آخر مشروع يقدم من طرف الوسيط”…
  • ثالثا، مصادر عدة من داخل كواليس المعارضة التشادية، تؤكد أن القضايا الخلافية في مشروع السلام التشادي، كعدم أهلية أعضاء المجلس العسكري للمشاركة في الانتخابات القادمة، وإصلاح الجيش والفترة الانتقالية، جرى تأجيل البت فيها إلى الحوار الوطني الشامل في نجامينا، الذي قرر المجلس العسكري الانتقالي عقده في 20 اغسطس/ آب المقبل، وعمليا رحّب وزير الشؤون الخارجية التشادي ورئيس الوفد الحكومي للمفاوضات محمد شريف زين بقرار المجموعات التشادية العودة الى المفاوضات، واصفاً إياه بالحكيم، ومؤكداً أن الحوار الوطني الشامل المقبل في نجامينا “يجب أن يجمع كل التشاديين”، واضافة لذلك وصف رئيس الوزراء في الحكومة الانتقالية التشادية”باهيميباداكي ألبير”، في حوار مع الفضائية التشادية، “الحركات السياسية العسكرية بالمجموعة القليلة التي تعيق مفاوضات الدوحة، وتفرض رأيها على الجميع وطالبهم بالإسراع في خطاهم نحو الإقرار بالمشاركة في الحوار الوطني الشامل بنجامينا”، موضحاً أن السلطات في نجامينا لا ترفضهم، وأن موعد الحوار قد تحدد في الـ 20 من أغسطس المقبل، فلا مجال للمجاملة”..
  • رابعا،الخلاصة أن الحوار التمهيدي يتجه للنجاح بعد تعليق التعليق ولكن النقاط الخلافية ستبقى قائمة وسيتطور النقاش حولها خلال الأيام القادمة ولكن ذلك النقاش ستكون مؤثراته ضعيفة على أي خطوة ارتدادية وقد تتكيف مع تطورات ملفات إقليمية وتوجهات الأطراف الدولية وكلها موجودة بأشكال مختلفة ضمن الوفدين (فصائل المعارضة – المجلس العسكري الحاكم وحكومته الانتقالية) ومن ثم سيتكيف المستقبل المشهد السياسي في التشاد بتفاصيل وحيثيات وطبيعة الحوار النهائي في نجامينا المبرمج مؤقتا للثلث الأخير من شهر اوت/أغسطس القادم ومن ثم ستبقى هناك فعليا اربع سيناريوهات  ( انعقاد نجاح الحوار النهائي والتوافق على خارطة طريق نهائية-انعقاد ذلك الحوار وتفجره أثناء انعقاده – انعقاده ونجاحه ثم الانقلاب الناعم ميدانيا على طبيعة نتائجه – عدم انعقاده قبل أيام من موعده بناء على تطورات إقليمية ودولية وتشادية داخلية).

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق