الجزائرشأن دولي

لماذا لم يُنه إلغاء المناورات القلق الأميركي من اندفاع الجزائر نحو روسيا؟

في ظل مطالبة نواب أميركيين بإدراج "الجزائر" في خانة الدول المعادية

أمين مرادكاتب صحفي وخبير الشؤون المغاربية والعربية

قراءتان ذهبت اليهما تحاليل المتابعين لزيارة منسق الشرقالأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمن القوميالأميركيبريت ماكغوركإلى الجزائر بعد نحو أسبوعمن إعلان إلغاء مناورات مع روسيا على الحدود المغربية، الأولى أن الزيارة هي للبناء على عملية الغاء تلك المناوراتومن ثم الدخول الى مربع جديد في العلاقات بين البلدين، أما القراءة الثانية والغالبة في قراءات أغلب المتابعين فهيتنحو نحو منحى أن القلق الأميركي من اندفاع الجزائرنحو موسكو لم ينته، وفعليا تأتي زيارة المسؤول الأميركيقبل أسابيع من زيارة سيجريها الرئيس الجزائريعبدالمجيد تبون إلى روسيا حيث من المتوقع أن يعقدصفقات لشراء الأسلحة، خاصة بعد الإعلان عن مضاعفةميزانية الجيش إلى 23 مليار دولار، والسؤال لأول هنافهو:  هل حققت الجزائر هدفها بالتلويح بتلك المناوراتوالتي رغم أنها كانت على حدود المملكة المغربية بينما هيكانت فعليا قريبة من الحدود الأوروبية ذهنيا وكانت رسالةلواشنطن وحلفائها الغربيين أولا وأخيرا؟، أما ثانيالأسئلة والتي يجيب تقرير الحال عليها فهو: لماذا لم ينهالإلغاء القلق الأمريكي بشان اندفاع الجزائر نحو روسيا؟      

1- رغم أن تصريحاتماكغوركقد اكتفت بالحديثعن الرغبة في تطوير التعاون بين البلدين، فانالكثير من المتابعين والمراقبين قد رجحوا أن يكونالمسؤول الأمريكي قد حذر السلطات الجزائرية منعقد صفقات تسليح مع روسيا ينظر إليهاالأميركيون كدعم لموسكو في الحرب مع أوكرانياخاصة وأنه قد توجه الى تونس مباشرة إثرمغادرته للجزائر وهو ما يعني ان أهدافه العامة منزيارة المنطقة هي محاصرة الروس أولا وأخيراخاصة وان هناك خطوط أمريكية حمراء ثلاثمعلوم للجميع (منع أي سبب قد يعيق تواصلانسياب النفطالتصدي لامتداد التنظيماتالإرهابيةالتصدي لأي وجود عسكري روسي فيشمال وغرب افريقيا تحديداوكل ما سبق يطرحأسئلة استفهامات عدة على غرار:
لماذا أعلنت الجزائر عن مناورات مشتركةعلى الحدود المغربية وبالشراكة مع الروستحديدا، وأي رسائل أراد ان توجههالأوروبا وامريكا تحديدا؟
لماذا تم الغاء تلك المناورات وبناء على أياهداف وتحت أي ضغوط وهل تم التشاورمع الروس في أسباب الإلغاء؟
هل يلحق الإلغاء بإلغاء زيارة تبونلموسكو او يتم التأجيل في حد أدنى؟
لماذا لم ينه الإلغاء قلق واشنطن مناندفاع جزائري نحو موسكو، وهل تم تبليغرسائل واضحة لتبون؟
ما هي أسباب عدم حضور تبون لأشغالالقمة العربية الصينية وما علاقة ذلك بمربععلاقاتها مع واشنطن وموسكو وبكينوطهران؟  
هل يمكن تفسير إلغاء المناوراتبصراعات داخل مربعات الحكم بين الموالينلروسيا والموالين للغرب ؟                

2- قالبريت ماكغوركعقب لقائه تبون بقصر المراديةإنبلاده تريد تعاونا قويا مع الجزائر، وإننانطمح أكثر للعمل سويا، لأن الشراكة بين بلديناقوية جدا.. تحدثنا عن الأوضاع في أوروبا وشمالأفريقيا ونعمل قدما من أجل توطيد هذه الشراكةفي المنطقة إذ لاحظنا تطورات كبيرة”.، ولفت إلىأن اللقاء مع الرئيسعبدالمجيد تبون“، كانمثمرا وبناء جدا”، دون أن يقدم طبيعة المشاوراتالتي جرت بينهما، ولا النتائج المتوصل إليهابينهما، خاصة وأن اللقاء جاء في مناخ يطبعهالتباين في مواقف دوائر القرار الأميركية بشأنالتعاطي مع الجزائر في عدد من الملفات، والتيكان آخرها وضعية الحريات الدينية، أما بيانالرئاسةالجزائرية فأكد أنالرئيس عبد المجيدتبون استقبل منسق شؤون الشرق الأوسط وشمالأفريقيا بمجلس الأمن القومي الأميركي بريتماكغورك، والمساعدة الرئيسية لنائبة كاتب الدولةللشؤون الخارجية يائيل لومبرت، وبدوره لم يقدمتوضيحات أخرى، سوى حضور قيادات منالمؤسسة العسكرية الجزائرية على غرار قائدالأركان الفريق أول سعيد شنقريحة، ومدير الأمنالخارجي الجنرال جبار مهنا، وذكر بيان لوزارةالدفاع الجزائرية أنقائد أركان الجيش استقبلالمسؤولينالأميركيين، بحضور ألوية وعمداء منأركان الجيش ووزارة الدفاع وأعضاء الوفدالعسكري الأميركي، وتم تناول حالة التعاونالثنائي بين البلدين وسبل تعزيزه أكثر، كما بحثالجانبان السياق الأمني على الصعيدين الإقليميوالدولي وتبادلا التحليلات ووجهات النظر حولالمسائل ذات الاهتمام المشترك”.

3- فعليا يعتبر هذا اللقاء الثاني من نوعه، حيث سبقلقائد أركان الجيش الجزائري أن استقبل في شهرسبتمبر الماضي سفيرة الولايات المتحدة بالجزائرإليزابيت مور أوبين“، في لقاء وصف بـالنادروالغريب، وأطلقت بشأنه العديد من التأويلاتالسياسية، في حين اكتفت وزارة الدفاع الجزائريةبالقول إناللقاء كان فرصة للجانبين لتباحثالقضايا ذات الاهتمام المشترك والتعاون الثنائيبين البلدين…” ومنذ إعلان عدد من النوابالأميركيين في الكونغرس عن رفع عريضة إلى وزيرالخارجية أنتوني بلينكن يطلبون فيهاإدراجالجزائر في خانة الدول المعادية للمصالحالأميركية، والتي يتوجب معاقبتها بسبب علاقاتهامع روسيا، وإبرام صفقات تسليح ضخمة معموسكو، وفرت لها عائدات مالية يمكن أن تواجه بهاحزمة العقوبات المطبقة ضدها، مع الإشارة الى أنالحكومة الأميركية لم تتفاعل مع المسألة بشكلإيجابي وفوري، حيث غلب على خطابهامصطلحات التعاون والشراكة في الطاقةوالاقتصاد والأمن، ولئن أعطت تصريحات السفيرةالأميركية بالحزائر الانطباع بأن واشنطن لاتتسرع في اتخاذ أي خطوات عدائية فإنها لاتتجاهل مطالب الكونغرس، بدعوى تكامل مهامودور المؤسسات.

4- جاء التقرير الأميركي حول الحريات الدينية فيالجزائر صادما للجزائريين ساعات قبل اللقاءالذي جرى في الرئاسة الجزائرية بين تبون ومنسقالشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمنالقومي الأميركي، وكان وزير الخارجية الأميركيقد أصدر هذا الأسبوع تقريرا وضع فيه الجزائرعلى قائمة المراقبة للدول التي تمارس انتهاكاتجسيمة للحريات الدينية، وذلك إلى جانب كل منجمهورية أفريقيا الوسطى وجزر القمر وفيتنام، كما وضع التقرير كلا من بورما والصين وكوباوإريتريا وإيران ونيكاراغوا وكوريا الشماليةوباكستان وروسيا والمملكة العربية السعوديةوطاجيكستان وتركمانستان في لائحة  المراقبةالخاصة لـمشاركتها في الانتهاكات الجسيمةللحرية الدينية أو التسامح معها، وبعيدا عنالدلالات السياسية للخطوة الأميركية، فإن التقريرالأمريكي يرتبط بتعاطي الحكومة الرسمية معممارسة بعض الأديان والمذاهب الدينية خارجالأطر الرسمية للدولة، ولذلك تعمد إلى غلق مقارهاوملاحقة أصحابها، كما حدث مع أنصار الأحمديةوالشيعة، ودور العبادة المسيحية غير المرخص لهاخاصة في منطقة القبائل.

5- الخلاصة أن العلاقات الامريكية/الجزائرية يكتنفهاالكثير من الغموض والتضارب من فترة لأخرىويظهر ان المناورات الملغاة تمثل نقطة شد وجذبومناورة من طرف الجزائر والتي يظهر ان ساستهايضعون في حساباتهم ملفي الغاز وأهميةاستعمال علاقتهم مع موسكو حبل شد وجذب فيعلاقاتهم مع الغرب والذي يعون انه سيقومباستدارة جديدة نحوهم بسبب الامن الطاقيوالغاز وحول دور مفترض لهم في الساحلالافريقي ان لم يكن في الشرق الأوسط أيضا، وستبقى عديدة الاسئلة الأخرى معقلة من حيثدقة الإجابات عليها:

هل ستتم زيارة تبون الى موسكو واياجندات ستتضمن لو تم الإبقاء عليها؟
ماذا ستكون ردة فعل الروس والذينيبحثون على مساحات في غرب ووسطافريقيا ولن يغامروا في كل الحالاتبخسران الجزائر مهمها كانت مناوراتهامعهم ومع الغرب؟
أي مناورات سياسية ستعمد اليهاالسطات الجزائرية بعد الغاء المناوراتالعسكرية، واي اجندة تم بحثها مع العاهلالأردني وهل حقيقة سيكون للجزائر دورفي حماية الحدود الأردنية السورية، وماعلاقة ذلك بزيارة المسؤول الأمريكيللجزائر خاصة وأن عمان هي حليفةمباشرة لواشنطن وفي كل الملفات تقريبا؟              

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق