شأن دوليشرق إفريقيا

كيف تفادت واشنطن في شرق افريقيا الفخ الذي وقعت فيه باريس في غربها؟

بعد ضرب البنى التحتية لحركة الشباب المتشددة واتفاق زعماء الدول الأربع

علي اللافيكاتب محلل وسياسي مختص فيالشؤون الافريقية  

           فتحت الانتصارات الميدانية التي حققتهاالحكومة الصومالية في مواجهةحركة الشباب” (تيارجهادي“)، الباب أمام عودة انخراط واشنطن فيمكافحة الإرهاب في أفريقيا بعد أن تراجع دورها منذفترة وهو ما يعني أن تراجع فرنسا في القارة وان اوجدسبقا روسيا صينيا على وراثته في منطقة الساحل فانهقد قابله أيضا بروز واشنطن كأول قوة في محاربةالإرهاب في شرق القارة السمراء ودون تغييب أن ذلكمبني وقائم على حماية جزء من أمنها القومي قبل أنيكون ضرورة سياسية واقتصادية للدول الأفريقية، والسؤال الرئيسي رصديا هنا هو هل أن واشنطنستتفادى الفخ الذي وقت فيه باريس في غرب ووسطافريقيا؟  

1- أولا، لا يمكن تغييب حقيقة ميدانية أن واشنطن قدبدأت في تنزيل مخرجات القمة الافريقية/الأمريكيةوأنها قد بدأت تستفيد من أخطائها في مجال مكافحةالإرهاب في أفريقيا وتضفي على دورها في شرقهاحيوية جديدة بزيادة استهدافها لعناصر حركةالشباب الصومالية، ودعم أطر التعاون الإقليمي معالحلفاء في المنطقة لمنع تكرار سيناريو غرب أفريقياأفضى إلى تراجع تأثيرها، ووجود محاولات مضنيةلانتزاع المبادرة من فرنسا لصالح روسيا، وفعليامنحت الإدارة الأميركية الضوء الأخضر لحلفائها فيشرق أفريقيا للتحرك سريعا قبل أن تتمكن روسيا منتسريب عناصرها لاحقا إلى منطقة تعج بحركاتمتطرفة عابرة للحدود، وقد تواجه مأزقا مشابها لماتواجهه باريس في غرب أفريقيا حاليا، بعد اضطرارهاإلى الانسحاب من مالي وبوركينا فاسو، بل يمكنالجزم أن الولايات المتحدة قد زادت من تصوراتهاالأمنية في الاعتماد على آليات/منطق  ـالحرب بالوكالةفي شرق أفريقيا لزيادة فعالية العمليات العسكريةالخاطفة التي تقوم بها ضد جماعات إرهابية وحركاتلها طموحات إقليمية واسعة، كما أن إجراءات الرئيسالصوماليحسن شيخ محمودالأخيرة لشل فعلوحضور ما يسمى بحركة الشباب المتشددة قد حققتجانبا كبيرا من أهدافها حيث تراجع حضورها بلوتكبدت خسائر كبيرة وهو ما ستكون نتيجته مدمقديشو لاحقا بأطر تعاون على المستوى الإقليميومن ثم سيترتب عليه منع تسلل عناصر الحركة إلىدول الجوار.
2- ثانيا، لعل أهم تداعيات التطورات الأخيرة والنتائجالميدانية في الصومال هو حصول اتفاق زعماءالصومال وجيبوتي وإثيوبيا وكينيا خلال اجتماععقدوه في مقديشو وسط الأسبوع الحالي (تحديداالأربعاء 01 ففري الحالي) على بدء عمليات بحثوتدمير لطرد مقاتلي حركة الشباب من الصومال، وقدوجهت القمة دعوة للمجتمع الدولي لزيادة الدعمالعسكري للقوات الصومالية لتخليص البلاد منالإرهاب، ما يوحي أن تحركات دول الجوار غير كافيةلوقف تمدد الحركة، وتحتاج إلى تكاتف يتجاوز حدودالدول الأربع، ما يشي بعودة السخونة لمكافحةالإرهاب في هذه المنطقة، والتي كانت مهدا لانتشارعناصر متشددة منذ سنوات، وفعليا يأتي الاتجاه نحوتوطيد التعاون الإقليمي عقب هجمات أمنية مكثفةشنتها الحكومة الاتحادية في الصومال على الحركةالمتشددة (أي حركة الشباب والتابعة لتنظيم القاعدة، وهي هجمات تم بموجبها استعادة القوات الحكوميةالسيطرة على عدة قرى ومساحات جغرافية وسطالصومال وقد أسهم الجيش الأميركي في كل ذلكبدور مهم عبر تعاون مع حلفاء محليين لهم وخاصة منميليشيات العشائر والقوات التابعة للحكوماتالإقليمية الصومالية، ويمكن الاستخلاص أن تحالفالدول الأربع جاء بتوجيهات أميركية لمواجهة التحركاتالروسية في المنطقة، والمستهدف منها إنشاء تحالفقوي يساند الوجود الأميركي في المنطقة ردا علىنشاط روسيا المثير، والذي ظهر خلال زيارة وزيرالخارجيةسيرجي لافروفإلى إريتريا قبل أيام، ونجاحه في التوقيع على اتفاقيات عسكرية واقتصاديةمع أسمرة.
3- ثالثا، التحالف الجديد والمشار اليها أعلاه يضم الدولالتي تمددت على أراضيها حركة الشباب أو تطمحإلى ذلك، وتلك الدول تريد فعليا مساندة أميركيةبالمعلومات والرصد والتدريب والخبرات لصد هجماتالحركة الإرهابية التي لا تخفي أهدافها الإقليمية، كماأن الرئيس الصومالي يسعى لإرسال إشارات للداخل، مفادها أن حكومته ليست وحدها في مواجهة حركةالشباب، ويحظى بدعم من حلفائه في المنطقة، ولذلكهدفت القمة الرباعيةلمنح الدافع السياسي لاجتماعرؤساء أركان الدول الأربع (الصومال وجيبوتيوإثيوبيا وكينيا) لتشكيل قوة عسكرية مشتركة، وفعليايرتبط عدم تكرار سيناريو الغرب الأفريقي الذيتمددت فيه الجماعات الإرهابية ونقله إلى شرق القارةبفعالية التحركات الأميركية التي تتعرض لتهديداتإقليمية عديدة، على عكس روسيا التي تعمل عبرمسارات متباينة من خلال قوات فاغنر التي تعملتحت غطاء شبه حكومي، وفي حال نجاح تحركاتهافي الشرق ووصلت إلى أهدافها في السودان سوفتكون أكملت حزام حضورها في أفريقيا، ويمكن القولأيضا أن القمة الرباعية لها دلالات على شعور قوىغربي أن مصالحه مهددة بشدة في شرق القارة، وأنتمدد حركة الشباب وسيطرتها على بعض المناطقومعاقبة السكان والقبائل دفع واشنطن إلى إعادةنفوذها، وهو الذي سمح لتركيا بتدريب عناصر الجيشالصومالي، ومعلوم أن الحركة المتشددة قد نفذت عدةهجمات دامية على فنادق وقواعد عسكرية ومنشآتحكومية في الصومال، على الرغم من نجاح القواتالحكومية في صد معظم هذه الهجمات، ورغم أنالحضور الفرنسي مازال موجودا في غرب القارة ولميتلاش تماما وقد تنسحب باريس من مناطق وتتقدمفي أخرى وفقا لرؤيتها التي تحكمها معاييراستراتيجية غير قابلة للمساومة أو الهروب، إلا أنالفرنسيين ارتكبوا أخطاء قاتلة أعطت مساحاتللحضور الروسي وهو فعليا فخ تريد واشنطن لا تجنبهفقط بل واستثمار الدرس في شرق القارة، ومعلوم أنالرئيس الصومالي حسن شيخ محمود وكاستتباع لكلتلك التطورات قد التقى نظيريه الكينيوليام روتووالجيبوتيإسماعيل عمر جيليورئيس وزراءإثيوبيا آبي أحمد، للنظر في سبل إضعاف حركةالشباب، وتوصلوا إلى اتفاق للتخطيط المشتركلشنحملة قوية على مستوى دول المواجهة وتنظيمها لبدءعمليات بحث وتدمير على جبهات متعددة تستهدفمعاقل رئيسية لحركة الشباب في جنوب الصومالووسطه، كما عقد وزراء الدفاع ومسؤولون عسكريونمن الصومال وكينيا وإثيوبيا وجيبوتي عشية القمةالرباعية اجتماعا رفيع المستوى في مقديشو، ناقشتفاصيل التعاون الأمني في المرحلة المقبلة، وفعلياتنتظر الحكومة الصومالية أن يقود التعاون الإقليميإلىتحرير سريع للبلاد من الخوارج الذين تم تسديدضربات موجعة لهم في ساحة المعركة الأسابيعالماضية”.
4- رابعا، الخلاصة أن واشنطن قد استفادت كثيرا فيمربعات القارة السمراء شمالا وغربا وشرقا بلوفي وسطها أيضا:  
شمال القارة: فواشنطن حاضرة بقوةفي ترتيبات الملف الليبي وهي تؤكدعلى أهمية تنامي شراكاتها مع المملكةالمغربية ومن سياسة التوازن التييعتمدها الجزائريون بين روسيا منجهة وبين الغرب من جهة ثانية كما أنحضورها في تونس وموريتانيا جد مهمورئيسي
غرب ووسط القارة: استفادة واشنطنتراكمية كميا في وسط القارةواستراتيجية في غربها وخاصة بعد ماحدث للفرنسيين ومن ثم سيتم إعادةبناء حضورهم المستقبلي هناك
القرن الافريقي وشرق القارة: تناميالشراكات وحضور استباقي عبرحضور كمي للشراكات والمساعداتللدول الحليفة والوظيفية حيث منالمتوقع أن تستفيد أيضا مما قد يوفرهالتعاون الجماعي بين تلك الدول خاصةوانه سيتحول الى ركيزة أمنية قوية يمنعهروب عناصر حركة الشباب إلى دولالجوار في المستقبل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

إغلاق